الأحد، 24 نوفمبر 2024

هل كان البخاري شيعيا؟ (4)

 


أهم شرطين للخلافة هما العلم بالشريعة الإلهية والعدالة .. هذا على فرض القول بعدم العصمة وبعدم الأعلمية ..

أي على أقل الشروط الممكنة .


يفاجئنا البخاري بأن الخليفتين لم يكونا مؤهلين حتى على هذا المستوى ..


فيخبرنا أنهما لم يعرفا أبسط المعلومات الدينية المتعلقة بعبارة القرآن الكريم فضلا عن إشاراته وما فوق ذلك ..


" جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ، فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر إنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت فصليت ، فذكرت ذلك للنبي (ص) ، فقال النبي (ص) : إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي (ص) بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. " 


هذا الحديث يشير إلى نقطتين مهمتين : 

١- مدى تقوى عمار بن ياسر ومدى اهتمامه بتطبيق الشريعة الإلهية والعمل بها .. في مقابل عدم اعتناء عمر بذلك واستخفافه بالأمر الإلهي بالتيمم عند فقد الماء ..

فالله تعالى أمرنا بالتيمم عند فقده لا بعدم الصلاة ..

" فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " 

ومع وضوح الآية الكريمة لم يطبقها عمر للأسف .. 


٢- الصلاة التي هي من أهم العبادات بل أساس الإيمان لذا الله تعالى أطلق عليها لفظ ( الإيمان ) وقد أشار الى ذلك البخاري بقوله 

" باب الصلاة من الإيمان وقول الله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم يعني صلاتكم عند البيت "

برغم تلك الأهمية وتلك القداسة للصلاة .. يتركها الخليفة بكل بساطة ولا يشعر بأي ذنب أو تقصير إزاء ذلك !


مثل هذا الإنسان ( ناقص الإيمان ) كيف يكون خليفة لله تعالى ورسوله صلوات الله عليه وآله ؟!!


" عن أنس قال كنا عند عمر فقال نهينا عن التكلف . "


هذا الحديث يشير إلى واقعة حدثت للخليفة الثاني ويذكرها ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري ..


" الحديث الخامس : - قوله : عن أنس كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف ) هكذا أورده مختصرا . وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ وفاكهة وأبا فقال : ما الأب ؟ ثم قال ما كلفنا أو قال ما أمرنا بهذا . قلت : هو عند الإسماعيلي من رواية هشام عن ثابت وأخرجه من طريق يونس بن عبيد عن ثابت بلفظ : " أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله وفاكهة وأبا ما الأب ؟ فقال عمر : نهينا عن التعمق والتكلف " وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري . "


هذه من أبسط القضايا من المفترض عند العرب وأهل اللغة ومع ذلك لم يعرفها بل اعتبر معرفتها من التعمق !  والتكلف !


فإذا كانت معرفة معنى لفظ عربي من التعمق والتكلف فما بالك بالمعارف الإلهية العميقة فعلا ؟!!

وفيه إشارة أيضا إلى عدم اهتمام الخليفة الثاني بمعرفة القرآن الكريم وعدم حرصه على فهم عباراته فضلا عن التعمق فيه !

هذا الكتاب الإلهي الذي فيه بيان المعارف والأحكام والقوانين وكل ما يتعلق بفكر الإنسان وسلوكه ..

والذي أمرنا الله تعالى بالتفكر فيه وتدبره بقوله تعالى : 

" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا "


هل مثل هذا مؤهل حقا لخلافة أعظم رسل الله صلى الله عليه وآله والذي جاء بأكمل وأعلى وأعمق كتاب إلهي ؟!!!


نفس البيان السابق ينطبق على الأول حيث سئل نفس السؤال سابق الذكر ولم يعرف إجابته ..


الأخطر من كل ذلك .. ذلك الحديث الذي ذكره البخاري ..

" مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ " 

معنى ذلك أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد الله به خيرا !

لماذا ؟

لأنه لا يستحق ذلك وليس مؤهلا له ..

" أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ " 


ومنه يُعلم بضميمة الأحاديث التي أشارت للإنقلاب على الأعقاب والتنافس على الدنيا والإمارة .. ( والتي أشرنا إلى بعضها سابقا )

انطباق الآية الكريمة التالية عليهما ..

" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ  أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ  وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا  وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " 

إذن من ثبت على الحق بعد رحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله كانوا قليلين .

بقرينة قوله تعالى " وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " 

لأنه تعالى أخبرنا أنهم قلة ..

" وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " 


في نفس الوقت الذي أخبر عن جهلهما وعدم عدالتهما .. ذكر أن الإمام عليا عليه السلام أقضى الصحابة .. على لسان من ؟

عمر بن الخطاب .. تأكيدا للحجة وإلزاما لأعدائه بقولهم لا بقول غيرهم ..

" أقضانا علي " 

والقضاء يلازمه العلم فكأنه قال أعلمنا علي 

( عليه السلام ) .

بل ذكر حديثا آخر أقوى حجة وأوضح بيانا 

قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : 

" أنت مني وأنا منك " 

وذلك إشارة لما ورد في  آية المباهلة " وأنفسنا وأنفسكم "

وبذلك أثبت أنه عليه السلام أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مطلقا .


والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق