على مر التاريخ كان هناك قصص وحكايات كثيرة .. بشر عاشوا مثلنا على هذه
الأرض منهم الطيبون ومنهم الأشرار .. منهم الأبطال ومنهم المتخاذلون .. منهم ذوو
النفس البريئة ومنهم ذوو النفس الخبيثة .
كانوا مثلنا تماما .. بعضهم كانوا يأملون الخير للعالم ويسعون لتحقيق ذلك
حتى لو ضحوا بأنفسهم , ومنهم من كان لديه الإستعداد للتضحية بالعالم من أجل ذاته .
هذا هو عالمنا شئنا أم أبينا .. لا يمكن أن يكون البشر جميعهم أطهارا
أبرارا ولا كلهم خبثاء أشرارا .
لأن تركيبتنا النفسية مزدوجة .. تشمل الخير والشر .. الطيبة والخباثة ..
لذا قد يكون الإنسان على حال وينقلب إلى حال أخرى .
من هذه القصص التي سجلها لنا التاريخ قصة الملك محمد خان .. ذلك الملك
الأسطوري الذي ضرب أروع الأمثلة في حبه للناس وبسط العدل وانصاف المظلوم .. كان
ملكا ذا شعور انساني عال .
وكان شعبه يكن له له حبا كبيرا واجلالا عظيما .. ولكن لأنه لا يمكن وجود
شعب بأكمله طيب .. كان من الطبيعي أن يوجد فيهم من هو على اختلاف معهم .
لم يكتفوا بالخلاف بل راحوا يدبرون المؤامرات ضد هذا الملك العظيم , بالرغم
من علمه بما كانوا يضمرون له من شر كان يستقبلهم بكل حب وود , ومع ذلك لم يزدادوا
إلا عنادا واصرارا على ماهم عليه .
لكن لماذا كانوا يعادون هذا الملك العادل ؟ لماذا يضمرون له كل هذا الشر رغم
حبه لهم ورعايته العظيمة لهم كغيرهم تماما .
السر وراء كل هذا انه اختار رجلا كان يثق به كثيرا اختصه بالرعاية
والاهتمام وعينه خليفة له .
كان محسن شابا على خلق عال .. حبه للناس كان معروفا .. بالرغم من شجاعته
التي كانوا يضربون بها المثل كان في غاية الرفق والحنان والحب للناس وخاصة
المظلومين منهم .
كان محسن مضرب الأمثال في حبه للخير والناس والحق والعدل .. لذا أسر القلوب
وأحبه الجميع بمن فيهم ذلك الملك العظيم .
اختصه الملك وأغدق عليه من كرمه وعطفه ورعايته , ولم يضن عليه بخبرته في
الحياة وعلمه الكثير .
لاحظ ذلك اولئك الأشقياء واستعر لهيب الغضب والحقد على محسن , بل على كل من
يمت لمحسن بأدنى صلة .
لذا أجمعوا أمرهم ذات ليلة واستقروا على خطة دبرها لهم شيطانهم .
وجاء اليوم الموعود .. ليحققوا ماكانوا ينتظرونه بلهف وشوق .
مالت الشمس نحو الغروب .. والقلوب تكاد تخرج من الصدور .. وجميع العيون ملأى
بالدموع .. كان يوما يملؤه الحزن والأسى والألم .
الملك العظيم ممدد على سريره يستعد للرحيل الأبدي .. يغفو تارة ويستيقظ
أخرى .
خرجت المدينة كلها مترقبة .. تكاد دقات قلوبهم تسمع الأصم .
طلب الملك طلبا أخيرا .. ورقة وقلما .. وهم أحدهم مسرعا لتلبية طلب الملك
.. غير أن الجميع انتبهوا لصوت عال يملؤه الغضب : لا لا.. لا تعطوه ما أراد !انه
ليس في وعيه !!
بتلك العبارات صدع أحد الأشقياء لكي يمنع الملك من كتابة ما أراد .
انقسم الناس بعضهم مع هذا الشقي وبعضهم ضده .
حتى أن بعضهم سأله مغضبا : واذا فرضنا انه كما تقول ماذا يضيرك إذا اعطيناه
ورقة وقلما ؟؟ اذن هناك أمرا تحذرونه .. هناك أمرا ما يريد أن يكتبه لنا الملك
وأنتم لا تريدون تحققه ..
لم يكن ذلك الأمر سوى ان الملك كان يريد أن يسجل كتابة من سيخلفه من بعده في شعبه لكي لا يختلفوا ويتنازعوا من بعده ,
ويستقيم أمرهم كما كان في عهده .
فطن لذلك اولئك الأشقياء .. والا لما منعوه من الكتابة وأحدثوا ذلك اللغط
الكبير .
اختلف الناس وعلت أصواتهم بين مؤيد ومعترض .. نهرهم الملك وأمرهم
بالخروج كان يعتصر ألما وحزنا لحال شعبه
ولما سيؤول اليه من بعده
وهو الذي طالما كان يهتم بأمره ويسهر لرعايته وتفقد أحواله .
بقي محسن مع الملك لا يشغله عنه شاغل .. بينما ذهب الاشقياء لمكان آخر
يهيئون أنفسهم لما كانوا يعدون له من سنوات عديدة .
فاضت روح الملك لبارئها حيث المستقر الأبدي ولف الحزن المدينة بأكملها إلا
اولئك الأشقياء .
حيث اجتمعوا مع جيشهم الكبير الذي أعدوه سنين سرا وأخذوا يرهبون الناس تارة
ويفيضون بالمال تارة ويعدون بمنصب أو جاه تارة أخرى وهكذا ..
كل هذا ومحسن ومن معه محزونون لفقد ملكهم العظيم ..
ما أن عرف محسن ومن معه بأمر اولئك الأشقياء حتى ذهب اليهم يذكرهم بما كان
يقوله الملك في شأنه ويستشهد بمن كان حاضرا ممن سمع ما قاله الملك في أمر محسن
وخلافته من بعد .. لكن اولئك قد أحكموا قبضتهم بارهابهم للبعض وشرائهم للبعض الآخر
وما كان أكثرهم
علم محسن أنه قد بقي وحيدا إلا من القليل الذي بقي على العهد .. ولما كان
حبه للناس لا يفوقه أحد فضل الإنسحاب حتى لا تحدث مواجهة مسلحة بين الفريقين يضيع معها الشعب وتنهار معها
الدولة العظيمة التي تعب من أجل بنائها ذلك الملك العظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق