الإنسان بما يحمله من أفكار وقيم ,
وهي التي تؤطر سلوكه وتحدد مكانته وموقعه الإنساني ؛ إذ أن الإنسانية درجات فبقدر
قيمة تلك الأفكار وهذه القيم تعلو مكانة الإنسان أو تدنو .
أما معيار تلك الأفكار والقيم ,
وكيف نميز بينها , فهو بحث مستقل قد نخصص له مقالة أخرى إن شاء الله تعلى .
ما نريد القاء الضوء عليه هنا مجرد
عرض مقارن بين رؤيتين متقابلتين للإنسان
وهي الرؤية المادية والرؤية الواقعية
( الرؤية الإسلامية ) .
وتترتب على كل رؤية آثار ومواقف
تختلف كليا عن الأخرى , إذ هما طريقان لا يلتقيان ابدا .
نبدا بافكار ورؤى لفلاسفة ومفكرين
كان لفلسفاتهم وأفكارهم الأثر الأكبر في سلوك المجتمعات الحديثة وسياسات دول
العالم خاصة مايسمى بالكبرى منها .
من هؤلاء الفلاسفة " توماس
هوبس " ( 1588- 1679 ) والذي يعبر عن رؤيته للمجتمع الإنساني بقوله :
" من الخطأ الإعتقاد بغريزة
اجتماعية تحمل الإنسان على الإجتماع والتعاون , وإنما الأصل أو حال الطبيعة أن
الإنسان ذئب للإنسان , وأن الكل في حرب مع الكل , وأن الحاجة واستشعار القوة
يحملان الفرد على الإستئثار بأكثر ما يستطيع الظفر به من خيرات الأرض , وإن أعوزته
القوة لجأ إلى الحيلة , يشهد لذلك ما نعلمه عن أجدادنا البرابرة وعن المتوحشين ,
وما نتخذه جميعا من تدابير الحيظة واساليب العدوان , وما نراه في علاقات الدول
بعضها ببعض وغاية ما تصنعه الحضارة أن تحجب العدوان بشعار الأدب , وأن تستبدل
بالعنف المادي النميمة والإفتراء والإنتقام في حدود القانون " .
ومنهم ايضا فريدريخ نيتشه
(1844-1900) فقد صنف الناس إلى صنفين على أساس ثقافتهم .. فهناك ثقافة المنحطين
المستضعفين , وثقافة الأقوياء السادة .
" يجب أن نقول ان الحياة تتوق
دائما إلى الإزدهار والإنتشار ولو بالطغيان على الغير وبسط سلطانها عليه , وأنها
من ثمة مبدأ حماسة وفتح .فإرادة القوة هي الإسم الحقيقي لإرادة الحياة , وكل إرادة
قوة فهي تذهب إلى حدها الأقصى لأن الحياة لا تزدهر إلا بإخضاع ما حولها "
ويقول : " الضعفاء
العجزة يجب أن يفنوا، هذا أول مبدأ من مبادئ حبنا للإنسانية، ويجب أيضا أن يساعدوا
على هذا الفناء."
ومنهم كارل ماركس (1818-1883) يقول
:
"لم يكن الناس أخوة في حال من
الأحوال بل أعداء طبقيين يتصارعون "
ويؤكد ذلك كونستانيون بقوله :
" ينبغي البحث عن منبع
الأفكار الإجتماعية والسياسية والحقوقية والدينية في الإقتصاد قبل كل شيء "
فماركس جعل الميزان في تقدم المجتمع أو انحطاطه هو نوع الإنتاج
الإقتصادي
وعلى ذلك يعلق الإستاذ يوسف كرم
بقوله :
"ومن عجب أن تبنى الشيوعية على
فكرة العدالة وليست العدالة معروفة من الطبيعة الصماء وليس الناس متساوين قوة
ونشاطا وذكاء , والنتيجة المنطقية للمادية أن يعتبر الإنسان كائنا اقتصاديا فحسب ,
قانونه الطمع والمنفعة وتنازع البقاء بالاسلحة الطبيعية "
وممن سار على هذا النهج اولئك
الذين يؤمنون بأن ذات الإنسان بطبعها شريرة ولا يمكن تصحيح هذه الذات الا بالقوة
والقوة وحدها . وعن هذا المنهج يقول دوفرجيه
" ان هذه النظريات العتيقة
المستوحاة من المسيحية المزعومة مسيحية عصر التفتيش قد رجع اليها الفاشستيون الذين
يرون كما يرى السيد مونترلان " ان ركل الأدبار بالأرجل هو الذي يصنع اخلاقيات
الشعوب " وكثير من المحافظين المعتدلين في الظاهر يرون هذا الرأي أيضا لكنهم
لا يجرؤون أن يعلنوها " .
ويقول أحد شراح الماركسية "
زينوفيف " : " ان صرخة الغضب المشحونة بالحقد هي لذتنا ومتعتنا "
هذه بعض النماذج القليلة النظرية ولنأت
ببعض النماذج العملية التي تعد تطبيقا عمليا لهذه الأفكار التي تنادي بالحرية
والمساواة وانقاذ المستضعفين ! .
مثال عملي من الشرق
من أبرز هذه النماذج ذلك البيان الذي
أصدره الشيوعيون في 7 ديسمبر1917 والذي كان موجها الى شعوب روسيا من المسلمين ..
جاء فيه :
" ان امبراطورية السلب والعنف الرأسمالية
توشك أن تنهار ، والأرض التي تستند عليها أقدام اللصوص الاستعماريين تشتعل نارا ..
أيها المسلمون في روسيا .. أنتم
يامن انتهكت حرمات مساجدكم وقبوركم واعتدي على عقائدكم وعاداتكم وداس القياصرة
والطغاة الروس على مقدساتكم ..
ستكون حرية عقائدكم وعاداتكم وحرية
نظمكم القومية ومنظماتكم الثقافية مكفولة لكم منذ اليوم .. لا يطغى عليها طاغ ولا
يعتدي عليها معتد .
هبوا اذن فابنوا حياتكم القومية
كيف شئتم فأنتم أحرار لا يحول بينكم وبين ما تشتهون حائل .. واعلموا ان حقوقكم
شأنها شأن حقوق سائر افراد الشعب الروسي تحميها الثورة بكل ما اوتيت من عزم وقوة .... الى أن يصلوا الى نهاية البيان بقولهم :
ان رايتنا تحمل معها الحرية للشعوب
المظلومة في ارجاء العالم
أيها المسلمون في روسيا .. أيها
المسلمون في الشرق .. اننا ونحن نسير في الطريق الذي يؤدي بالعالم إلى بعث جديد نتطلع
اليكم لنلتمس عندكم العطف والعون "!
بيان في منتهى الحماسة والروعة
الخطابية ، بيان يمس آلام المستضعفين والمظلومين فتتدفق الحياة في شرايينهم من
جديد وتتجدد آمالهم وتنبعث بعدما كادت ان تلامس العدم لكن كما قال الشاعر
رب يـــــوم بـــكيت مـــنه ولما كنت في غيره بكيت عليه
ما كل ما يتناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
لم تكد تمضي بضعة أشهر على صدور
هذا الييان حتى أصدر لينين في ابريل سنة 1918 أمرا بالزحف على البلاد الاسلامية دون
إنذار سابق فأخذت الدبابات تحصد المدن حصدا وتدك الحصون والقلاع , والطائرات تمطر البلاد
سيلا من قنابلها دون تمييز بين عسكريين ومدنيين واستولت روسيا على الجمهوريات
الإسلامية واحدة تلو الأخرى مع فرض اعتناق الفكر الشيوعي والتخلي عن الإسلام مما
أحدث مجازر وفجائع لا يمكن وصفها " نذكر على سبيل المثال :
·
أعمالهم في التركستان:
قتل الشيوعيون في التركستان وحدها سنة 1934م مائة ألف مسلم
من أعضاء الحكومة المحلية، والعلماء، والمثقفين، والتجار، والمزارعين
·
وفي ما بين سنة 1937-
1939م ألقت روسيا القبض على 500 ألف مسلم، وعدد من الذين
استخدمتهم في الوظائف الحكومية، ثم أعدمت فريقاً، وأرسلت فريقاً آخر
إلى
مجاهل سيبيريا.
·
وفي سنة 1951م ألقي
القبض على 13565 مسلم في التركستان وأودعوا المعتقلات.
·
في القرم: أبادوا في
القرم سنة 1921م مائة ألف مسلم بالجوع، وأرغموا خمسين ألف مسلم
على الهجرة في عهد بلاكون الشيوعي الهنغاري الذي نصبوه رئيساً
للجمهورية
القرمية الإسلامية
·
في سنة 1946م نفوا
شعبين إسلاميين كاملين، وهم شعب جمهوريتي القرم وتشيس إلى مجاهل سيبيريا، وأحلوا
محلهم الروس.
·
بلغ مجموع المساجد
التي هُدِّمت أو حُوِّلت إلى غايات أخرى في التركستان وحدها 6682
جامعاً ومسجداً، منها أعظم المساجد الأثرية مثل (منارة مسجد كالان) في
مدينة بخارى، و(كته جامع) في مدينة قوقان، و(جامع ابن قتيبة) و(جامع
الأمير فضل بن يحيى) و(جامع خوجه أحرار) في مدينة طشقند .
·
تل علماء الدين أو
نفيهم، أو الحكم عليهم بالأشغال الشاقة، أو منعهم من الحقوق
السياسية، بل والحقوق الإنسانية، وإيجاد أية عقبة أخرى تحول بينهم
وبين
مزاولتهم لمهنتهم .. كذلك عملوا في القرم، وأضافوا إلى ذلك حرق المصاحف الكريمة في
الميادين العامة .
·
منع المسلمين من
التمتع بالنظم الإسلامية في دائرة الأحوال الشخصية: فقد ألغيت
المحاكم الشرعية في جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا .. ومعنى ذلك خروج
الأسرة من دائرة توجيه الشريعة الإسلامية إلى دائرة القوانين
الشيوعية، التي تنادي بالإباحية التامة، وبانحلال جميع الروابط
الطبيعية
بين أعضاء الأسرة الواحدة
ومن جرائم
الشيوعيين التي أنزلوها بالمسلمين صور التعذيب، وأفانينه العجيبة، فمن ذلك ما حل
بمسلمي تركستان الشرقية عندما رفضوا إلحادية ماركس. وفيما يلي ذكر لبعض صور
التعذيب التي تقشعر منها الجلود، ويقِف لِهَوْلِها شعر الرأس .
1-
دقُّ مسامير طويلة في رأس المُعذَّب حتى تصل مُخَّه.
2- صبُّ
البترول على المُعذَّب، ثم إشعال النار فيه حتى يحترق.
3- جعل
المسجون المعذب هدفاً لرصاص الجنود الذين يتدربون على تسديد الأهداف.
4- حبس
المعتقلين في سجون لا تدخل إليها الشمس، ولا ينفذ منها هواء، وتجويعهم حتى الموت.
5- وضع
خوذات معدنية على رأس المعذب، وإمرار تيار كهربائي فيها؛ لاقتلاع العيون.
6- ربط رأس
المعذب في طرف آلة ميكانيكية، وربط باقي الجسم في آلة أخرى، ثم تحريك كلٍّ من
الآلتين في تباعد وتقارب شداً وضغطاً على المُعذَّب، حتى يعترف على نفسه وغيره، أو
يموت.
7- كيُّ
كلِّ عضوٍ من الجسم بقطعة من الحديد المحمي إلى درجة الاحمرار.
8- صبُّ زيتٍ
مغليٍّ على الجسم.
9- دقُّ
مسامير حديدية، أو إبر في أجسام المُعذَّبين.
10- إجلاس
المعذبين جلساتٍ خاصةً فيها ألم شديد؛ إذ يستطيع المشرفون على التعذيب الضربَ على
الأعضاء التناسلية.
11- إدخال
شعر الخنزير في الإحليل – فتحة العضو التناسلي -.
12- إدخال
قضيب من الحديد المحمي في مكان شديد الحساسية من الجسم.
13- دقُّ
المسامير في رؤوس الأصابع حتى تخرج من الجانب الآخر.
14- ربط
المسجون المُعذَّب على سرير حديدي ربطاً محكماً لا يستطيع معه التحرك، وذلك لعدة
أيام قد يتفطر بها جسمه
الى غير ذلك من اساليب وحشية تخجل أمامها وحوش
الغابة مصادر
تاريخ الفلسفة الحديثة .. يوسف كرم
المذهب السياسي في الإسلام .. صدر الدين القبانجي
الإسلام في مواجهة الزحف الأحمر .. الغزالي
موقع الألوكة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق