السبت، 26 مارس 2016

فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلم الكتاب




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال ربنا جل وعلا:
" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي .."
في لحظة أتى آصف بن برخيا بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين !!
كيف فعل ذلك وبأية قوة ؟ يجيبنا رب العزة جل وعلا :" قال الذي عنده علم من الكتاب "
فلم يقل تعالى قال آصف أو قال عبد صالح أو قال أحدهم أو الخ .. بل ذكر تعالى وصفا دالا على اصل هذه القدرة التي بها استطاع أن يجلب هذا القصر العظيم في ثوان معدودة من مسافة تبلغ حوالي 2000 كم !!


هذه القدرة التكوينية والسلطة الملكوتية إنما كان سببها هو العلم .
بالقطع ليس علم الفقه أو اصول الفقه أو علم النحو أو المنطق بل العلم الإلهي " إنما يخشى الله من عباده العلماء " العلم الذي يورث المعرفة بالله والتي بدورها تورث الخشية والخوف والتقوى والحضور الإلهي في كل حركاتنا وسكناتنا وحالاتنا .
" عبدي أطعني تكن مثُلي أقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون "
إذن ضرب الله تعالى لنا مثلا بآصف بن برخيا وصي سيدنا سليمان عليهما السلام ومدى ما وصل إليه من قدرة الهية ملكوتية تكوينية بسبب علمه الذي أفاض الله عليه به لارتباطه بكتاب الله وآياته والتفكر فيها والعمل بمضمونها .
لكن هناك نقطة مهمة في الآية الكريمة وهي " علم من الكتاب " أي علم بجزء من الكتاب الكريم .. وليس كل الكتاب .
معنى ذلك أن الإنسان كلما ارتقى وتعمق في العلم الإلهي انبسطت قدرته التكوينية وذلت الأشياء له بحسب درجته ومستواه الذي وصل إليه .
فالكتاب ما هو إلا انعكاس للوجود ككل .. فبحسب درجة العلم تكون القدرة والتسلط الوجودي .
وجميع الكتب السماوية لم تكن كتبا جامعة وحاوية للدرجات الوجودية كلها إلا القرآن الكريم .. كما قال تعالى " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ "
فالقرآن الكريم مهيمنا على باقي الكتب المقدسة قبله .. فهو بمثابة الميزان لها .. يشهد بما هو الصحيح منها وما هو المحرف .
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
فهذا نص واضح لا يحتاج لتفسير أو تأويل فالقرآن الكريم أحسن وأكمل وأتم الكتب الإلهية جميعا .
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن من لديه علم هذا الكتاب الأكمل والحديث الأحسن تكون قدرته أكمل وأكبر وأعظم وأدق واشمل .
قال تعالى : قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ
من الذي عنده علم الكتاب ؟ أجابنا رسول الله صلى الله عليه وآله
علي مع القرآن ، والقرآن مع علي .
إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا .
لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض من آدم ومن دونه .
فظهر أن أهل بيت النبوة عليهم السلام لديهم علم القرآن الكريم وهو اكمل وأفضل وأعلى من جميع كتب الله السابقة .
وسيدتنا فاطمة سلام الله عليها هي كفء مولى الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام .
فلديها علم الكتاب المبين كله وليس بعضه .
فإذا كان آصف بن برخيا نقل عرش بلقيس في لحظة بسبب بعض العلم من الكتاب .. فكيف بمن لديه علم الكتاب كله .. فهو أقدر أن ينقل العالم بأسره إلى حيث يشاء وليس عرشا كعرش بلقيس .
فسيدتنا سلام الله عليها بسبب علمها بالكتاب كله فهي على أعلى درجة وجودية ممكنة ودان لها كل شيء بأمر ربها " وذل كل شيء لكم وأشرقت الارض بنوركم "
لو كان الحُسنُ شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً
فهي " خير أهل الأرض " مطلقا من أول آدم إلى آخر فرد على هذا الكوكب .
إنّ فاطمة هي ليلة القدر، من عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى .
وهذا الحديث الأخير أنى لي أن أتحدث عنه وأفسره .. فهو فوق طاقتي وقدرتي وعلمي .
عظم الله لكم الأجر وسلام الله على مولاتنا الصديقة الشهيدة ولعنة الله على ظالميها ومن سمع بذلك ورضي به .
واسألكم الدعاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق