بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
من منا لايريد أن ينجو من الهلكات... من
منا لايريد الوصول الى الكمال... من منا لايريد السعاده الابديه... ؟؟ هل ياترى حاولناأن
نفكر في هذا الامـر؟.. بالطبع كلنا حاولنا .. كلنـا قرأنـا واستـمعـنا الى أفكـار كثيره
وطرق متعـدده ...لكــن..ايها اوصلنا ؟ وأيها كـان أجـدر بالثقة والطمأنينة.. وأسرع
الى مقصودنا ؟ نعم كما يقولون الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق لكن هناك من الطرق
ماهو أصعب وأطول واكثر خطـورة...بل ان هناك طرقا لاتصل بصاحبها الا الى درك الجحيم
وهو يحسب أنه على صراط مستقيم !!اذن ليس كل طريق ندعى اليه للسلوك نحو الملكوت نستجيب له فالامر ليس بالهين, كما قد يتخيله البعض...
لابد أن لاننسى أننا في دار امتحان وابتلاء
, لذلك ينبغي علينا الحذرفي كل خطوة نخطوها..قال الله العظيم :
"هل أتى على الانسان حين من الدهر
لم يكن شيئا مذكورا *انا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا
*انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا " .
هذه الآيات الكريمة أشارت الى عدة أمور
في غاية الأهمية :
أولا :هدف خلق الانسان .
ثانيا :ان هذا الهدف يلزم للوصول اليه
,امتحان ( ابتلاء ) وهذا الابتلاء مستمر طالما
بقي الانسان على قيد الحياة .
ثالثا :ولكي يتحقق هذا الامتحان لابد له من قابلية أي ادوات تؤهله لخوضه ,هذه الادوات
تمثلت في العقل والاختيار ...
فالهدف هو الوصول الى الله تعالى (هديناه
السبيل).."والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"..والوصول الى الله معناه الوصول
الى الكمال .من نماذج هذا الكمال وآثاره ماأرشدنا
اليه رب العالمين :
" وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير
وكنا فاعلين...ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الارض التي باركنا فيهاوكنا بكل
شئ عالمين* ومن الشياطبن من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين
" .
فمن آثار الكمال أن تسخر لنا الاشياء ,كما
سخرت لنبي الله داود ونبي الله سليمان على نبينا وآله وعليهما السلام .
ومنها أيضا .." واذ ابتلى ابراهيم
ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين
"
فنبي الله ابراهيم على نبينا وآله وعليه
السلام كان نبيا قبل هذه المرحله بدليل قوله تعالى :"الحمد لله الذي وهب لي على
الكبر اسماعيل واسحاق ان ربي لسميع الدعاء" "وامرأته قآئمة فضحكت فبشرناها
باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب* قالت ياويلتى ءألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشئ
عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد"
.
فالامامة على هذا مرحلة أعلى مقاما من النبوة
, والا لوكانـت اقل رتبة فما معنى قوله تعالى ( اني جاعلك ) طالما هي مجعولة مسبقا
؟!.. اجتاز عليه السلام الامتحان الالهي مع
شدته البالغه والتي منها امره بذبح ابنه اسماعيل على نبينا وآله وعليهما السلام , فما
كان منه الا الامتثال التام لامر الله تعالى . ومنها ايضا اسكان الزوج والولد في واد
غير ذي زرع بمكه
حيث لايوجد انسان .. وغيرها من الابتلاءات
الشديده . غير ان نبي الله كان رمزا للتسليم المطلق لله فكان جزاؤه الصعود الى آخر
مراحل الكمال (الامامة الالهية) .. فالهدف من خلق الانسان هو الوصول الى الله تعالى
أي الكمال(ومن شكر فانما يشكر لنفسه)فالفائدة تعود على ذات السالك (ومن كفر فان الله
غني عن العالمين) هذا الكمال لن يتحقق الا بالامتحان لذا كان هناك الشيطان والهوى
(حب الانا) ومغريات الدنيا المختلفة ... لكن
كل هذه المؤثرات متوقفة
في تفعيلها على استجابة الانسان لها ,
(اما شاكرا واما كفورا) فاذا صمد وكبح جماح نفسه
وذكر الله جل وعلا فما تلبث الا أن تتبخر وكأن شيئا لم يكن .. في مقابل هذه
المؤثرات التي تتجه بالانسان نحو الانحدار , مؤثرات أخرى تتجه به نحو التعالي والسمو
والكمال إنها التكاليف الالهية التي تضمن سلامة تطبيقها تحقيق الهدف وطي مراحل التكامل
..
اما ادوات التأهيل لخوض هذا الامتحان فهما
العقل والاختيار . (انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا).. هذا تخيير للانسان فاما
ان يسلك طربق الشكر او الكفر وهذا له آثاره
وذاك له آثاره فلا يتاتى للانسان أن يرجح احدهما الا اذا كان لديه القدرة على
ذلك هذه القدرة تتمثل في العقل لكي يوازن بينهما والاختيار لكي يطبق نتيجة تلك الموازنه
على ارض الواقع ..
(انا هديناه السبيل).. أي سبيل هذا ؟ والجواب
واضح وهو سبيل الله..لكن هل هذا يكفي ؟ كل
سالك او بالاحرى كل من يقول انه سالك فانه يدعي انه يرجع الى سبيل الله وعندما تساله
عن سبيل الله يقول انه القرآن الكريم..وعندما تسأله كل سالك من المسلمين يقول انه يرجع الى القرآن الكريم
مع أن بينهما اختلافات كثيره ولايستقيم هذا مع قولهم ذلك ؟! يجيب انه طالما أن الكل
يرجع الى القرآن فلا اشكال في البين فالكل على هذا مصيب لان مرجعهم واحد وهو كتاب الله
!! بهذه البساطه ينهي المشكله ولا يعلم أنه
بذلك حكم على نفسه بالجهل المركب او انه خرج عن المله . مع أنه لو تمهل قليلا وأعمل
فكره لاستنتج أن الله سبحانه لايمكن أن يأمرنا باتباع سبيله دون أن يبينه لنا بما لايدع
مجالا للشك فيه حتى لايحتج أحد على الله بأن البيان كان ناقصا (نعوذ بالله) ..
لذا وجب علينا أن نبحث في القرآن ذاته عن
معالم هذا السبيل وهل ضرب لنا نموذجا عمليا
له أم لا؟؟ ان المتامل في نفس السورة المباركة يجد جوابه واضحا جليا لالبس فيه..ان
الله سبحانه يبين لنا في هذه السورة المباركة هدف خلق الانسان وكيفية الوصول لذلك..
وأنه بارادته واختياره .. ولتأكيد الحجة عرفنا
سبيله بشكل مباشر(لمن يعقل)..حيث اشتملت السورة على ثمان عشرة آية تكفلت ببيان جلية
الامر "ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا* عينايشرب بها عباد الله يفجرونها
تفجيرا* يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا*ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما
وأسيرا*انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولا شكورا*انا نخاف من ربنا يوما عبوسا
قمطريرا*فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا*وجزاهم بماصبروا جنة وحريرا*متكئين
فيها على الأرائك لايرون فيها شمسا ولازمهريرا*ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا*ويطاف
عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا*قواريرا من فضة قدروها تقديرا*ويسقون فيها
كأسا كان مزاجها زنجبيلا*عينا فيها تسمى سلسبيلا*ويطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم
حسبتهم لؤلؤا منثورا*واذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا*عاليهم ثياب سندس خضرواستبرق
وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا* ان هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا"
..
هذا النموذج الذي ينبغي الاقتداء به فهو
مصداق ل" إما شاكرا "
ومن خالف هذا المصداق وكان مقابله فينطبق
عليه الشق الثاني من التقسيم " وإما كفورا "
بعبارة أوضح وأكثر حسم وصرامة
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا
وَأَغْلالا وَسَعِيرًا
من المقصود بالكافرين بالتأكيد من كانوا
قبال الشاكرين
فلا يوجد هناك قسم ثالث
من علامة القسم الثاني " الكفور"
إِنَّ هَؤُلاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ
وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلا
كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله
إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ
تُنْكِرُونَهَا
وبمزيد من التوضيح قال صلوات الله عليه وآله الطاهرين :
إِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ
تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا
وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
وزيادة في البيان والإيضاح
قال رسول الله صلى الله عليه وآله
يرد عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ
أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ عَنْ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيَقُولُ
إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ
الْقَهْقَرَى
إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ
مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ
أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ
إنها أحاديث صحيحة وردت في الصحيحين
ومن الواضح أن المحكم يفسر المتشابه
هنا ربنا جل وعلا بين لنا مصداق الشاكرين والنموذج المرضي عنده
إذن من يقتدي بهدى هذا النموذج يكون قطعا
من الشاكرين
ومن لا يقتفي اثره ينطبق عليه ما قاله تعالى
في آخر السورة المباركة
يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ
أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
هذا إذا لم يقتد بهم فكيف إذا عاداهم وحاربهم
قطعا يكون مصداقا لقوله جل وعلا
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا
وَأَغْلالا وَسَعِيرًا
الخلاصة
ان الله سبحانه وتعالى بين لنا ميزان الشكر
والكفر والسعادة والشقاء بالمصداق
فمن ذكرهم هم نموذج الشاكرين المرضيين عند
الله تبارك وتعالى
فمن سلك سبيلهم فقد اهتدى وأصبح في عداد
الشاكرين السعداء
ومن تنكب طريقهم وخالفهم فهو من الكافرين الأشقياء
اللهم اجعلنا ممن يسلك سبيل الشاكرين ويهتدي
بهداهم
انك سميع مجيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق